وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (جن: ۷)
و آنها [نيز] آن گونه كه [شما] پنداشتهايد، گمان بردند كه خدا هرگز كسى را زنده نخواهد گردانيد.
وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَديداً وَ شُهُباً (جن: ۸)
و ما بر آسمان دست يافتيم و آن را پر از نگهبانان توانا و تيرهاى شهاب يافتيم.
وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (جن: ۹)
و در [آسمان] براى شنيدن، به كمين مىنشستيم، [اما] اكنون هر كه بخواهد به گوش باشد، تير شهابى در كمين خود مىيابد.
خلاصه:
اجنه هر گاه بخواهند به آسمان بالا بروند تا سخن ملائک را دزدانه بشنوند، با ملائکه نگهبان روبرو خواهند شد که آنها را با ستارگان تیرباران خواهند کرد و این موضوع قبل از بعثت هم بوده است.
متن تفسیر:
اللمس: المس، فاستعير للطلب، لأنّ الماس طالب متعرّف. قال:
مسسنا من الآباء شيئا و كلّنا إلى نسب في قومه غير واضع
يقال: لمسه و التمسه و تلمسه «كطلبه و أطلبه و تطلبه» و نحوه: الجس. و قولهم جسوه بأعينهم و تجسسوه. و المعنى: طلبنا بلوغ السماء و استماع كلام أهلها. و الحرس: اسم مفرد في معنى الحرّاس، كالخدم في معنى الخدّام، و لذلك وصف بشديد، و لو ذهب إلى معناه لقيل:
شدادا، و نحوه
أخشى رجيلا أو ركيبا غاديا
لأنّ الرجل و الركب مفردان في معنى الرجال و الركاب. و الرصد: مثل الحرس: اسم جمع
ليزيد بن الحاكم الكلابي. و مسسنا: أى نلنا، فالمس مجاز مرسل، فكل منا ينتمي إلى نسب في قومه غير منخفض و يروى: إلى حسب، فاستوينا من جهة الآباء في التفاخر، فلما بلغنا فيه ذكر الأمهات وجدتم أقاربكم كرام المضاجع كناية عن الأزواج. أو عبر باسم المحل عن الحال فيه، و هن الأزواج مجازا مرسلا، و كرم النساء مذموم، لأنه كناية عن الخنا، كما يكنى ببخلهن عن العفة، فلسنا سواء في الأمهات.
أخشى رجيلا أو ركيبا غاديا و الذئب أخشاه و كلبا عاويا
الرجيل: تصغير رجل. و الركيب: تصغير ركب. غاديا: أى سائرا في الغداة على العادة. يقول: أخاف لهرمى.
و ضعفى الرجل الصغير و الركب القليل. و الذئب: نصب بمضمر، كالمذكور على الاشتغال. أى: و أخشى الذئب و كلبا عطف عليه. أو نصب بمضمر، أى: و أخشى كلبا عاويا. و الجملة معطوفة على جملة «أخشى رجيلا» وعيد الكلب بكونه علويا، لئلا يتوهم كذبه في دعواه.
للراصد، على معنى: ذوى شهاب راصدين بالرجم، و هم الملائكة الذين يرجمونهم بالشهب، و يمنعونهم من الاستماع. و يجوز أن يكون صفة للشهاب، بمعنى الراصد أو كقوله: …… و معى جياعا
يعنى. يجد شهابا راصدا له و لأجله. فإن قلت: كأن الرجم لم يكن في الجاهلية، و قد قال اللّه تعالى وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ فذكر فائدتين في خلق الكواكب: التزيين، و رجم الشياطين؟ قلت: قال بعضهم حدث بعد مبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو إحدى آياته، و الصحيح أنه كان قبل المبعث، و قد جاء ذكره في شعر أهل الجاهلية. قال بشر بن أبى خازم:
و العير يرهقها الغبار و جحشها ينقض خلفهما انقضاض الكوكب
الأثر من كل شيء، و بالمعجمة: الأرض اللينة. و روى: الغبار، و الانقضاض: الاسراع، و السبط: الغبار الممتد، و الضباب: ندى يغشى الأرض بالغدوات. و الصاد: الديك الذي ينكت التراب فيثير غباره، و يطلق على القدر من النحاس و من البرام، و على داء في الرأس يداوى بالكي بالنار. قيل: و على العلم، و فسر به هنا. و الدواجر:
التواشط، من دجر إذا نشط سرورا، أو المظلمات. و الليل الدجور و الديجور: المظلم. و تنضب: اسم شجر دخانه أبيض، و علم على قرية قريبة من مكة. و الشأو: الطلق، يقال: شأى كسهى، إذا سبق غيره. و التولب:
الجحش إذا مضى عليه سنة واحدة، يقول: إن حمار الوحش يكلف أتانه اقتفاء أثره عند الجري، و جحشها يسرع خلفها كاسراع شهاب الرجم، فارتفع فوقهما ممتد من الغبار، كأن ما أشبه الضباب منه غبار أثارته الديكة لأنها تحبه، و كأنه مرتفع «خان ذلك الشجر أو مظلمة، لأنه يحجب الضوء و إن كان أبيض، فدواجر خبر بعد خبر.
و يجوز أنه على حذف العاطف، فقد أجازه السيرافي و ابن عصفور و ابن مالك، و منعه ابن جنى و السهيلي، و خرجا ما يوهمه على بدل الاضراب، و يجوز ذلك هنا أيضا، فشبه التيار بثلاثة أشياء، ثم قال: فتجاريا شوطا طويلا مثله، و إثبات البعد للمثل كناية عن إثباته للشأو. و يحتمل أن ضمير مثله للجحش، فهو بالنصب. ثم قال: بعد ما بين شوطهما و شوطه كأنه تأخر. و يحتمل أن المعنى: بعد كل من الشوطين و طال.
و قال أوس بن حجر:
و انقضّ كالدّرّي يتبعه نقع يثور تخاله طنبا
و قال عوف بن الخرع:
يردّ علينا العير من دون إلفه أو الثّور كالدّرّىّ يتبعه الدّم
و لكن الشياطين كانت تسترق في بعض الأحوال، فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
كثر الرجم و زاد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الإنس و الجن، و منع الاستراق أصلا. و عن معمر: قلت للزهري: أ كان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم. قلت: أ رأيت قوله تعالى وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ فقال: غلظت و شدد أمرها حين بعث النبي صلى اللّه عليه و سلم. و روى الزهري عن على بن الحسين عن ابن عباس رضى اللّه عنهما: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جالس في نفر من الأنصار إذ رمى بنجم فاستنار، فقال: ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية؟
فقالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم. و في قوله مُلِئَتْ دليل على أن الحادث هو المل و الكثرة، و كذلك قوله نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ أى كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس و الشهب، و الآن ملئت المقاعد كلها، و هذا ذكر ما حملهم على الضرب في البلاد حتى عثروا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و استمعوا قراءته.[۱]
[۱] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، جلد ۴، صفحات ۶۲۵ و ۶۲۶